كيف أجعل طفلي فخور بي؟ مقارنة الأبوة في الأفلام والمسلسلات

تربية-الأطفال-الانتماء-للأسرة-سعادة-الأبناء-عائلة-ناجحة

 مؤخراََ حصلت على لقب أفضل كاتب أسئلة في موضوع تربية الأطفال على منصة كورا بالعربية. وكان هدفي من طرح الأسئلة هو تجميع إجابات الخبراء في مجال تربية الأطفال لتُجيب مباشرة على أهم الأسئلة حول تربية الطفل السليمة؛ أملاََ في أن تصبح مرجعاََ لكل أب وأم في الوطن العربي. 


أفضل-كاتب-كورا-أسئلة-تربية-الأطفال-مينا عطية


فطرحت عدة أسئلة على مجموعة متخصصة من الكتاب الأكثر مشاهدة على كورا في موضوع الطفولة وتربية الأطفال. وهنا سأشارككم أهم إجاباتهم على سؤال

الأطفال تتأثر بنماذج الأبوّة الحسنة في الأفلام والمسلسلات، فكيف تحمي ابنك من فخ المقارنة وتجعله دائماََ فخور بانتمائه لك؟


نصيحتي لا تسمح لطفلك بالمشاهدة حتى ينضج:

نصيحتي الدائمة هي ألا تسمح لابنك بمشاهدة الأفلام والمسلسلات منذ البداية، وإلا ستندم من السلوكيات التي سيكتسبها، والصورة الخاطئة التي سيرسمها عن المجتمع. ولو أخبرتني أنك تريه فقط كل ماهو راقي فهذه مشكلة أكبر، لأن الصورة المثالية عن المجتمع تضرّه، وتؤثر بالسلب على تصوراته وتعاملاته مع الناس، وتجعله في حالة صدمة كلما رأي أي خطأ من الأسرة أو المجتمع حوله!

والأخطاء واردة، نحن بشر نخطئ ونصيب. والدراما لا توضح لنا هذه الصورة، الدراما تعطينا صورة مثالية أحياناََ وصورة مزرية أحيانًا أخرى، والصواب هو منع الدراما الآن، على الأقل حتى يستطيع الطفل بناء مرجعية وأفكار سليمة للحكم على الأشياء وبعد معرفته للواقع الحقيقي والواقع الافتراضي. 


وهنا يستطيع أن يكون ممتنًا على كل شيء في واقعه الحقيقي، ويعرف أنك النموذج الذي يجب أن ينتمي له بمميزاتك، وعيوبك، وأخطاءك أحيانا وإخفاقاتك التي تتعلم منها أمامه. 


محرّر من تطبيق أخضر 


شاهد الأفلام والمسلسلات معه لكن بحذر: 

الأفلام والمسلسلات تقدم نموذج من نماذج الحياة، وكل منها يختلف عن الآخر . فلا يوجد تعارض بين التشجيع على الحديث وإبداء الرأى عن هذا النوع من المسلسلات، وتكرار عبارات الحب والامتنان والفخر على مسامعه مع اظهار الدعم والحب فى كل المواقف.

دنيا محمد

أولاً شاهد معه هذه المسلسلات، وأوضح له أثناء عرضها كيف أن الأعمال الدرامية عموماً تخالف الواقع في أغلب الأحيان، وليس في الأبوة فقط. ومن جانبك لا تقصر في صداقتك له ووقتك معه.

أحمد 

بلاش تخليه يتفرج على النماذج السيئة.

د.محمد


نصائح لتربية الأطفال بكل حب ومصاحبة:

لا تقارن طفلك بأحد، ولا حتي إخوته إن كان له اخوات. حبه في كل الأوقات وكل حالاته حب غير مشروط. يعني مثلا لا تقل له اعمل كذا عشان أحبك، أو عشان الناس تحبك، أو لأي سبب كان.

خد رأيه في لبسك مثلاََ أو في مشكلة حصلت معك، ولا تستخف بعقليته الصغيرة أبداََ. فيه أطفال ما شاء الله صغيرة بس تبهرك بردها وطريقة تفكيرها وكلامها، فكدا هيحس إن هو مهم عندك ورأيك مهم ، وطالما هتاخد برأيه تعمل بيه ومتهملهوش.

لو غلطت اعتذر ليه مهما كان الغلط، طالما هو زعل يبقي لازم تتأسف ليه وتصالحوا. اخرجوا سوا ولو مره في الاسبوع، ومش لازم مكان كبير وتكلفة، ممكن تخيّره بين أماكن والمكان اللي يختاره تروحوه، عشان يبقي مبسوط ومرتاح في الخروجه مش مجبر علي حاجة.

شاركه حياتك وحسسه بقيمته وخليه يبدي رأيه في أي حاجه وكل حاجه، عشان يبقي شجاع ويعرف يعبر عن رأيه ومشاعره، وكأنك صاحبك كدا بتشاركه كل حاجة، بل أغلي كمان من صاحبك أو أي حد!

خليك منتبه لسلوكه وتصرفاته والحاجات اللي بيميل ليها أيا كانت إيه هي، أفلام، أغاني، أو أي حاجة عامة. وعلّمه الصح من غير متحسسه إنك مراقبه.علّمه دينه كويس وخليه يتربي عليه، ويبقي متواضع ويحب الخير لاي حد ويحب المساعدة.

لو سألك أي حاجه وأنت مش عارفها، متحاولش تتهرب، ممكن تبحثوا عنها سوا بحيث إن هو يتعلم أن لو مش عارف حاجة دا مش عيب، وإن ممكن أبحث وأعرف المعلومة من أي مكان مش شرط النت، ولو إن جوجل بقي عليه كل حاجه. ومهما كان السؤال حتي لو محرج جاوبه، ومتستهونش بإجابته.

علّمه إن القراءة مفيدة للعقل، ربّيه على حب التعلُم، وحب البحث عن المعلومة عشان مينسهاش، وحب الاجتهاد والتفوق. وجازيه علي أي حاجة كويسة عملها زي مثلاََ حفظ أول جزء من القرآن،  الحصول علي الدرجة النهائية في امتحان، وهكذا. ومش أي موقف صغير تجازيه عليه، عشان ميتعودش على كدا. بس يكفي إنك تقدره وتنمي أي سلوك إيجابي بيعمله مهما كان صغير، وتعرفه إن هو صح عشان ينتبه لكدا.


خليك قدوة حسنه ليه، لو مش عايزه يعلي صوته، أنت كمان متعليش صوتك عليه. لو عايزه يحترمك، أنت كمان تحترمه وهكذا. لأن هو بيتعلم منك أنت وأول مكان بيتولد فيه هو بيته، فلازم يتربي فيه علي أسس سليمة وصحية ليه. وطبعاََ هيعود دا كله على المجتمع، لما يطلع ليه شخص سوي وقلبه نضيف وشخصيته بلا أي عقد نفسية. 


آلاء وائل


ازرع في طفلك شهوة البعد عن المال: 


ببساطه لا تجعله يشعر بأن الاشياء المادية تفرق بين شخص وآخر. والدي لم يشعرنا أبداََ بأنه حفى بتجميع المال، ولم يشعرنا بأنه يأبه للجاه أو ينظر لهم نظرة معظمة أو مبجلة. عندما يأتى ميعاد الزكاة يدعونى ويكون فى غايه الفرح ويقول لى سنعطي المحتاجين حقهم، وسيضاعف لنا الله فى أموالنا. 

هل تعرفى بأننى كل سنه أخرج ضعف الزكاة التى اخرجتها عن العام السابق …هذه بركة من الله يا بنتى.


المال هو وسيلة للعيش وليس هدف …تلك الأشياء تشحن الإنسان بالطاقه الايجابيه وتجعله يتأكد بأن الحياة بالفعل ليست تنافس بالمال أو الجاه .وإن الحياة فى الأفلام والمسلسلات هي زيف وليست حقيقة.


هؤلاء الأشخاص فى الحقيقة مقصّرون. وإن هذا بالفعل مجرد تمثيل، وكلما كان الإنسان همه على الدنيا ستجده دائماََ يعقد المقارنات، ويحقد على من هم أعلى منه ويريد أن يؤتى حظاََ كبيراََ فى الحياة.


سلمى لما



الاحتواء والتفهم أساس التربية: 


لا أتصور أن الطفل لديه ما هو أغلى من أمه وأبيه مهما رأى ومهما كان والداه مقصرين، ربما تتكلم عن مرحلة عمرية لاحقة(بعد العاشرة مثلاََ). نعم ربما يطلب من والديه بعض الألعاب التي يراها أو يطلب منهم أن يلعبا معه كما الأطفال في الكارتون، لكنه لن يقارن كما لن يتمنى أكثر من يلاعبه والداه. 

هناك معضلة حقيقية بشأن أن يقارن الطفل ما لديه بما لدى الأطفال من ألعاب. غير أن خيال الطفل خصب وقادر على التغلب عليها بنفسه مع بعض المساعدة من والديه. 

حين شاهد ولدي - ذو الخمسة أعوام - ولداََ يُنشئ مدينة بألعابه، ألقى ما بيده وهرع إلى درج الألعاب يخرج ما فيه من سيارات ومكعبات وأغلق عليه الباب. كنا نعلم أنه يدير شيئا ما لكنا لم نشأ أن نقاطعه، فتركناه وراقبناه من بعيد حتى ترك الألعاب بصعوبة لما حان وقت عودته إلى المدرسة. وحين عاد مساءاََ، اجتهد في استكمال ما بدأه وجلسنا معه نشجعه ونلعب معه. استمتع كأحسن ما تكون المتعة، من غير أن نضطر إلى شراء ألعاب جديدة له.

أبو بلسم

التربية بالقدرو الحسنة وتشجيعه على الأنشطة:


الطفل غالباً مرآة لتصرفات والديه، ولذلك يقول المثل:
اقلب الجرة على ثمها تطلع البنت لأمها.

من الطبيعي بصفتك ولي أمر، أنك ترغب في أن يعيش أطفالك الحياة التي لم تحظى بها من قبل، ولذلك ستعمل على تربية الأطفال تربية حسنة. وذلك من خلال تسجيل أبنائك في جميع أنواع الأنشطة التي تراها مناسبة من وجهة نظرك مثل نادي للألعاب، حلقات تعليم لدروس خصوصية، أو نادي سباحة.. إلخ.

وإليك مقالة كتبتها لعلها تفيدك حول كون الوالدين قدوة حسنة لطفلهم.

د.ابراهيم سليمان شيخ العيد


والآن بعد قراءة جميع هذه الآاراء حول استخدام العنف في تربية الطفل، دعني أشاركك رأيي الشخصي.

الخُلاصة في تربية الطفل لتجعله منتنمي لك: 


لايمكنك أبداََ منع ابنك من مقارنة الأبوة، فالممنوع مرغوب. كما أن رغبتك في محاولة إخفاء نماذج الأبوة الحسنة، هو اعتراف ضمني بأنك لديك قصور كبير وتخشى أن تفتح عينيه على نقاط ضعفك. الإجابة في جملة واحدة هي اجعله يقارن لتكسب أنت المقارنة! وإليك التفاصيل. 

إياك أن تحاول التبرير بأن الأفلام والمسلسلات خيالية، وأن الحقيقة هي الأسلوب العنيف الصارم الذي تستخدمه أنت. فبهذه البجاحة في التعبير تكون قد خسرت أهم أسيات العلاقة الوطيدة بطفلك وهي الاعتراف بالخطأ والضعف. 

مشكلة الأبوة في الوطن العربي هي الكِبر في الاعتراف بالخطأ، ومحاولة إرغام الطفل دائماََ أن يخضع ليأتي ويصالح ويتحنن ويطلب العفو والسماح من رب البيت، وكأنه إله السماء! لهذا فإن حجر أساس التربية السليمة للطفل لتجعله دائماََ أبداََ فخور بانتماؤه لك هي إظهار ضعفك عند الخطأ ليشعر أنك إنسان، ولست فرعون البيت الآمر الناهي بدون مساحة لمناقشة خطأك. 

يحزنني كثيراََ الأب سماع تِلك العبارات من الأب لابنه: 

- أنا الكبير .. والصغير هو اللي لازم يجي يعترف بخطأه ويصالح! 
- أنا الأب .. يعني أديله بالبلغة ويقول شكراََ لأنك بتعلمني لنفع نفسي! 
- مش أنت اللي هتربيني يا ابني .. أنا اللي اربي وأنت تسمع! 
- هي كدا ..ومفيش نقاش .. أنت قاعد في خيري ومتنساش نفسك! 
- أنا لو بربي كلب هيكون مطيع وبيسمع الكلام أكتر منك! 


وتعتصرني تلك التعبيرات من الأم لابنتها:

-  محدش حاسس بيا، وأنتِ مش بتحبيني زي أصحابك. 
- أنا بقسو عليكِ في التنضيف والاهتمام بنفسك عشان عريسك يقول عرفت أربي! 
- أنا صوتي يعلى وأتعصب براحتي، لكن أنت تتخرسي ومتعليش صوتك وأنت بتكلميني!
- أنت مش نافعة في حاجة غير الهيافة، ولبس المحزق والملزوق! 
- أنت ربنا مش هيرمك أبداََ في عيالك، وهيطلعوا عينك زي ما مطلعة عيني! 

كل تلك العبارات القاسية، تدل على المشكلة الكامنة وراء رغبة الطفل في النفور من الانتماء إليك، وهي بكل بساطة: فِهمك الخاطئ للأبوة! 

الأب العزيز، أنت لست إله البيت ومحور اهتمامه الواجب على الجميع تقديس أولوياته، وفهم وتقدير ظروفة وصعابه في الحياة، والمُخالفين هم الضالين الملاعين حتى لو أطفالك وزوجتك! 
 
الأم العزيزة، طفلتك ليست خادمة المنزل المفروض عليها الواجبات المنزلية بالإكراه. وبكل تأكيد هي ليست عدوتك حين تقضي وقت طويل مع أصحابها للترفيه بدلاََ من احتدام النقاش الدائم بينكما! 

عندِما تخفضا راية الكِبر بأن الأب والأم واجب طاعتهما المطلقة بدون أدنى اجتهاد أن تكونوا قدوة حكيمة ومليئة بالحب.ثم تهتمان بتفاصيل الطفل فيعتبركما ملاذاََ من قسوة العالم ومشاكله. ثم تنزلوا عن عرش الآلهة وتستمتعوا باللعب معه والانخراط في نشاطاته اليومية، فلن يعرف الطفل وطناََ إلا حضنكما. 
 
وقتها مهما شاهد الطفل من نماذج أبوة، سيزداد إعجابه وتقديره لكما، لأنه يحسد نفسه على أنه يملك النسخة الأصلية من السعادة، وليس مجرد سيناريو مصنوع لإبهار الطامعين والمحرومين من السعادة الحقيقية، فيبحثوا عنها في الأفلام والمسلسلات! 



كاتب فاتح شهية: مينا عطية
__



Photo Credit: Pinterest 

0 تعليقات