يقترن دائمًا نجاح أي شيء بالسعي والمحاولة والاجتهاد. والعلاقات العاطفية مشروع يلزمه الصبر والجد والمثابرة وكثير من الخصال التي تساهم في نجاحه. إذا كنت تبحث عن النمو العاطفي فلا بد وأن تحقق النمو الشخصي أولاً. لذلك لن يساعدك أحد في هذه المهمة إلا أنت. أنت وحدك من يستطيع تحديد جوانب القوة والضعف في علاقاتك، والعمل عليها. لذلك أنصحك بقراءة مقال 5 علامات تدل أنك في علاقة حب صحية قبل قراءة هذا المقال لتتعرف على نوع العلاقة التي أنت فيها.
وبعد أن تعرفت على الفروق الجوهرية ما بين العلاقات التقليدية والعلاقات الصحية / المستنيرة، بقي عليك أن تتعرف على بعض النصائح التي تساعدك في بناء هذا النوع من العلاقات الصحية الواعية:
النصيحة الأولى: عبر عن شعورك بالامتنان لشريكك
الامتنان شيء حيوي ومهم في أي علاقة. فكل إنسان يحب أن يشعر بالتقدير من شريكة وأنه لا يضمن وجوده في حياته وأن وجوده لا يعتبر أمر مسلم به. إذا أردت تشجيع شخص على الاستمرار في فعل معين، فعليك تقدير هذا الفعل وإظهار الاستحسان حال فعله بدل من الشكوى إذا لم تحصل عليه. قد تلهينا الحياة وتشغلنا، وربما يكون من السهل في بعض الأوقات أن ننسى أن كل ما يفعله الطرف الأخر لنا يفعله بمحض إرادته فقط ليكون معنا. وما يزيد الأمر سوءًا هو أننا ربما نتشاكى إذا ما غفل أو تغافل الشريك عن فعل أي من هذه الأفعال يومًا ما بدون النظر إلى الأسباب وراء ذلك.
في بداية العلاقة يُقدر كل من الشريكين الآخر – يقدران كل لحظة يقضياها سويًا يتحدثان عن الإيجابيات في العلاقة ولا يذكروا السلبيات أبدًا مهما بدت ظاهرة. يمكنك إبقاء هذه الحياة الرومانسية على قيد الحياة عن طريق قضاء وقت مخصص سويًا ليتذكر كل طرف ما الذي فعله الطرف الآخر من أجله أو من أجل الاستمرار في العلاقة، ويقوم بالتعبير عن ذلك بشكل واضح. يمكنك التعبير عن الامتنان بالقول، أو الفعل، أو كتابة ملاحظات أو خطابات لشريكك.
وإليك بعض النصائح لإظهار الشعور بالامتنان:
- اشكر شريكك على أي شيء يفعله حتى على المهام البسيطة أو التي هي من اختصاصه أصلًا- مثل غسل الصحون- رمي القمامة- تنظيف المنزل- شحن الهاتف – إعداد الطعام- المساعدة في الأطفال وما إلى ذلك.
- قم بعمل مجلد (أجندة) للكتابة اليومية فيها عما تقدره من شريكك من أفعال أو أقوال خلال اليوم.
- صندوق الامتنان (العرفان بالجميل): يكتب كل شريك 25 شيء يحبه ويقدره من الطرف الآخر ويضعها في صندوق ويأخذ الصندوق الآخر من شريكة ويقرأ كل يوم ورقة في الصباح ليبدأ يومه بدفعة من تقدير الذات. كما يمكن استخدام هذا الصندوق في وقت الخلافات حتى يتذكر كل طرف ما يقدره من الطرف الاخر.
النصيحة الثانية: قم بعمل محادثات عميقة مع شريكك:
يقول Alexis G. Roldan مؤلف كتاب marriage and communication: "حتى أكثر الزوجان شغفًا وحبًا يحتجان إلى معرفة كيفية التواصل الفعال. فالحب والمشاعر الرومانسية ليست كافية لخلق بيئة تنمو فيها العلاقة وتتطور إذا كان الشريكان لا يجيدان التواصل الفعال".
نتحدث جميعًا مع شركائنا بشكل يومي ولكن (محادثة عن محادثة تفرق). دائمًا ما نبحث في علاقاتنا عن العمق، العمق في كل شيء حتى في التواصل. خصص وقتًا لمناقشة ما يجري في يومكما مع بعضكما البعض بتفاصيل عميقة. ناقش شيئًا تود تغييره في نظامك اليومي. ناقش أحلامك وآمالك. تدرب على المحادثات اليومية السطحية العادية ثم تعمق أكثر فأكثر بالتدريج لتتعرف على شريك حياتك بشكل جيد.
النصيحة الثالثة: يجب أن تكون واعيا بأنماطك التقليدية والمثيرات التي تؤثر على تصرفاتك والأفكار المقيدة للذات التي تؤثر على علاقتك لكي يصبح لديك القوة لتغيرهم
في طريقك نحو النمو الشخصي، لا بد وأن تعرف ماهي المعتقدات المقيدة لذاتك. الأفكار المقيدة للذات هي مجموعة من التشوهات المعرفية (الأفكار الخاطئة)، وهي عبارة عن وجهات نظر متحيزة يأخذها الفرد عن نفسه أو عن العالم المحيط به. تعتبر أفكار غير منطقية/لا عقلانية، ومعتقدات نقوم بتعزيزها بدون وعي على مر الوقت. ومن أهم هذه المعتقدات، على سبيل المثال لا الحصر، هو التعميم، وانتقاء السلبي من المواقف وعدم ذكر الإيجابيات، وقفز الاستنتاجات، وقراءة الطالع، ربما تكون وقعت في واحدة منهم أو أكثر مرة في حياتك على الأقل. ولكن الفرق بين من يتعثر في هذه الأفكار لوقت قصير والذي يتعثر فيها طويلاً هو القدرة على تحديد وتعديل وتصحيح هذه الأنماط الخاطئة في التفكير. يمكننا لاحقًا التحدث باستفاضة عن تلك المعتقدات في مقال منفصل.
النصيحة الرابعة: تبنى فكرة أن العلاقة قد وجدت لمساعدتك على النمو وأن شريكك ليس عدوك
نتعلم يوميًا من الناس المحيطين بنا ولا نجد غضاضة في أن يوجه لنا المدير في العمل نصيحة أو لوم. كما أننا لا نبالي أبدًا بعتاب الزملاء وأحاديثهم التي أحيانا ما تكون مملة. والأصح أن تعامل شريكك دائمًا أفضل مما تعامل الغرباء، فإذا كنت تتحمل مديرك وتنصت لزميلتك الثرثارة وتتقبلي طبع ومزاج زميلك السيء في العمل، فعليك بدون أدنى شك أن تتحمل كل شيء من شريكك بنفس الروح. تبنى فكرة أن هذه العلاقة وجدت لتساعدك وتخرج أفضل ما فيك. فشريكك ليس عدو لك، بل يتحدث عن سلبيات يريد تحسينها في العلاقة حتى تسير العلاقة في طريق أفضل لكل منكما.
النصيحة الخامسة: تعلم أن تحب شريكك بالطريقة التي يريدها
اعلم أن حبك لشريكك هو اختيار- فيجب أن نحب شركاؤنا بالطريقة التي يريدونها ولا تقول "بذلت قصارى جهدي، ولكن بلا جدوى". إذا حدث ذلك فاعلم أنك بذلك قصارى جهدك حقًا، ولكن في اتجاه غير صحيح. إن أول خطوة في معرفة الطريقة التي يريدها شريكك في الحب هي معرفة لغات الحب التي تتحدثها أنت والذي يتحدثها شريكك. فهناك من يحب كلمات الغزل والتأكيد على الحب وهناك من يحب قضاء وقت أطول مع من يحب، بينما يوجد من يقدر الهدايا، وأخر يفضل أن تقوم بعمل ما مكانه حتى يشعر بحبك له، كما يفضل بعض الناس التلامس الجسدي ويعتقدون أنه تعبير كاف عن الحب. إذا عرفت لغة الحب الخاصة بك والخاصة بشريكك سوف تكون قطعت نصف المسافة لتصل إلى التواصل الفعال في علاقتكما.
النصيحة السادسة: ضع أهداف مشتركة مع شريكك-انظر لعلاقتك دائما نظرة الفريق
تنمو العلاقات غالبًا عندما نشترك في فعل شيئًا للوصول إلى هدف واحد مشترك- يمكن أن تكون أهداف مادية أو رياضية أو علمية. كلما عملتم معًا من أجل تحقيق أهداف مشتركة كلما حققتم رؤية الفريق وشعرتم أنكما حقًا فريق واحد. ولعل من أفضل الأنشطة الممتعة التي يتقاسم فيها الشريكان لحظات سعيدة هو نشاط الطبخ سويًا. فهي تجربة تواصل حقيقي، تعطيك وقت لتبادل أطراف الحديث مع شريكك حول الطعام وحول أمور أخرى- يصلح هذا النشاط لشريكين لديهم مشاكل تواصل ولا يجدون الحديث المناسب للتواصل. ولكن حذار من الخلافات حول حبات الطماطم الذابلة وعدد ذرات الملح الإضافية التي تضعها زوجتك، والملعقة المعدنية التي يقلب بها زوجك (الحلة التيفال).
النصيحة السابعة: كن صريح جدًا بشأن الأشياء التي لا يمكنك التفاوض فيها في العلاقة، وتمسك بها
بداية العلاقات مثل جميع البدايات، يتم التنازل فيها كثيرًا حتى ينال كل طرف رضا الأخر. ولكن سرعان ما يتبدل هذا الحال. لذلك كن صريح بشأن ما تريد وما لا تريد. قم بإعداد قائمة بالأشياء التي لن تتفاوض فيها أبدًا وقم بإخبار شريكك بها في بداية العلاقة واختبر مدى توافقه ورضاه على بنود هذه القائمة. قم أيضًا بإعداد قائمة بالأشياء (القابلة للتفاوض) وإلى أي مدى ستكون على استعداد للتفاوض فيها وعلى أي شروط. لا تخفي هذه المعلومات الهامة عن شريكك ابدًا خوفًا من الانفصال. يجب أن تعلم أن من لا يتوافق مع قائمة الأشياء (غير القابلة للتفاوض) الخاصة بك لا يصلح أن يكون شريك حياتك.
النصيحة الثامنة : افعل شيئًا مثيرًا أو مخيفًا – قم بعمل بمغامرة
تُظهر الدراسات أن استجابة خوف الجسم تشبه الإثارة الجنسية، وأنه عندما نقوم بأشياء تخلق الإثارة وتدفعنا خارج مناطق الراحة لدينا، فإنها تزيد من مشاعر الحميمية والتواصل. هذا لا يعني بالطبع إلقاء شريكك من النافذة على أمل زيادة الأدرينالين! ولكن بالطبع يمكنك تجربة أحد هذه الخيارات:
- قم بزيارة مكان جديد أو تعلم شيئًا ما مع شريكك (دورات تدريبية- محاضرات تعليمية أو تثقيفية)
- اكتشفا أشياء جديدة معًا: لا شيء أقوى من بناء ذكريات إيجابية جديدة كل يوم في حياة الشريكان. عندما تشعران أنكما تستكشفان الحياة معًا، تزيد الروابط فيما بينكم . كلما زادت الذكريات الإيجابية لديك ، كان من الأسهل عدم التركيز كثيرًا على بعض التجارب السلبية التي قد تمر بها. كما أنه يمنحك أشياء للتحدث عنها للأخرين ومع بعضكما البعض ، مما يحافظ على شكل العلاقة من الوقوع في حالة ركود.
- رتب موعد ليلي مرة واحده أسبوعيًا على الأقل: يمكنكم تبادل الأدوار للتخطيط لموعد ليلي أسبوعيًا. إذا كنت متردد أنت وشريكك فيمكنكم الاختيار عن طريق القرعة أو أي لعبة أخرى. المواعدات الليلية تعطي فرصة للشريكين لإعادة التواصل وتخلق بينهم جو من المتعة والبهجة والتشويق
النصيحة التاسعة: كن رومانسيًا، ولكن بقدر
تشكل ضغوطات وأعباء الحياة، والصورة المشوهة التي يصدرها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن العلاقة بين الرجل والمرأة، عائق كبير يحول بين الفرد وبين أي محاولات إظهار الجانب الرومانسي في شخصيته. يرجع ذلك لخوف كلا الشريكين على الشكل الإجتماعي. لا تريد المرأة أن تشعر بأنها الأضعف، ولا يريد الرجل أن يظهر تعلقه بالمرأة حتى لا يُلقب بالمنقاد أو التابع أو الألقاب الأخرى التي لا تخفى على القارئ ولا داعي لذكرها. ولكن لا مانع من الرومانسية بعيد عن أعين الناس، فهي تعمق الود والتواصل وتعمل على تقوية العلاقة الخارجية أيضًا بشكل تدريجي. فالعلاقات التي تمارس العادات الرومانسية داخليًا ولو مرة يوميًا هم أكثر جاذبية للسعادة. كما أن الحياة الداخلية تنعكس على الحياة الخارجية فلا يشعر أي طرف بحرج في إظهار مشاعره لأنه يعلم تمام العلم ان هذه المشاعر مقدرة من الطرف الأخر ولن يندم على إظهارها. كما أنها تظهر بشكل عفوي غير متصنع. ولعل من أبسط العادات الرومانسية التي يجب أن يمارسها الشريكان هو جعل الشريك يشعر بأنك دائمًا تفكر فيه. يحدث ذلك بعدة طرق نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر:
- إرسال رسالة رومانسية: تعمل الرسائل على تأهيل الطرفين ووضعهم في حالة ترقب لوقت اللقاء. مهما طالت مدة ارتباطكم، فإن الإنسان دائمًا ما يأنس بالاهتمام وبالرسائل غير المتوقعة.
- تغزل في شريكك: لا تربط الغزل بأوقات الرومانسية فقط. فجمل مثل (ما أحلى لباسك اليوم) أو (ما أجمل تسريحة شعرك) في أي وقت من اليوم كفيلة بأن تجعل الشريك في مزاج رائع لباقي اليوم.
النصيحة العاشرة: اخلق روتين خاص بك أنت وشريكك وواظب على تطبيقه
لعل التفاصيل الصغيرة في حياة الشركاء لها أثر كبير في تعميق الروابط والتواصل فيما بينهم. يمكن أن يستسخف البعض هذه التفاصيل ويشعر بعدم أهميتها لصغرها، ولكن هذه التفاصيل الصغيرة بمثابة تفاصيل سحرية. حاول أن:
- تقابل شريكك بحماس – قدم التحية بحماس: يمكن للطريقة التي ترحب بها شريكك عند غيابكما لفترة أن تحدد شكل ومسار اليوم. إن محاولة تغير شكل مقابلتك لشريكك بعد غياب عن المنزل يمكن أن تقود علاقتك إلى الجودة التي تطمح بها. اجعل مقابلتك لشريكك عادة روتينية لا تتخلى عنها حتى لو كان غيابه لا يدوم إلى وقت طويل.
- اجلسا بالقرب من بعضكما البعض: يمكن أن يراها البعض ممارسة عادية ولكنها وصفة سحرية للتقرب من الطرف الأخر وإظهار مشاعر الرومانسية والحب. إن التلامس الجسدي هو وسيلة من وسائل التواصل (خاصة لو كانت هذه لغة الحب الخاصة بشريكك)، حتى في أوقات الصمت، يقول التلامس ما لا تقوله الألسن. جلوسك بالقرب من شريكك يجعلك تشعر أنك تندمج في ذاته مما يقلل من أي توتر يسود الجلسة. يجب أن تجعل جلوسك بالقرب من شريكك عادة روتينية ولو لبضع دقائق يوميًا، سواء كان ذلك أثناء محادثاتكم العادية أو أثناء مشاهدة فيلمكما المفضل أو مباراة أو حتى وأنتما تجلسان في صمت.
من المؤكد أنك تقوم بتطبيق بعض النصائح السابقة، أو ربما تقوم بتطبيق بعضها وتغفل بعضها. ولكن مما لا شك فيه أنك حالما وصلت إلى هنا، فأنت لديك الرغبة الشديدة في الوصول لعلاقة حب غير تقليدية وهذا ما نطمح إليه. على وعد بلقاء قريب نتناول فيه تفاصيل أكثر عن العلاقات وكيفية تحسين جودتها وذلك لإيماننا الكامل بأن صلاح المجتمع والتربية يبدأ من صلاح العلاقات العاطفية والعلاقات الأسرية. إذا أردنا بناء المجتمع، علينا أن ندرك الخلل في نشأة الأسر وتكوينها ونتمعن في الحلول.

.webp)
0 تعليقات