مع بداية شهر الحب وتزامنًا مع عيد الحب، من المتوقع أن يكون لنا حديثًا عن الحب. كثيرًا ما يعجبني وصف الكاتب الأمريكي الشهير جيمس بلدوين James Baldwin للحب:
لا يبدأ الحب وينتهي بالطريقة التي نفكر بها، فالحب معركة، الحب ينمو.
فلا عجب في وصف الحب بالمعركة، فالعلاقات الناجحة دائمًا ما يكون أبطالها شجعان مثل فرسان المعارك.
![]() |
| https://imgur.com/gallery/EJwedyo |
لا يعتبر الوقوع في الحب موضوعًا جديدًا يُتوقع منا كشف أسراره، بل يعتبر قصة درامية دائمة التطور لدرجة أنها في معظم الحالات لا يكون لها علاقة بالرومانسية المطلوبة، بل هو مجرد احتياج نفسي وجسدي مؤقت. وهذا لا يعني أن كل العلاقات الحالية لا تتسم بالرومانسية (على الرغم من أن أغلبها لا يتسم بالرومانسية فعلا، أو يمكن وصفها بالرومانسية الزائفة لغرض الاستعراض)، ولكن يجب أن نفهم الحب بشكل صحيح إذا ما أردنا تحسين جودته.
"الاوكسيتوسين هرمون الحب والارتباط والعلاقات والثقة."
هذه الهرمونات هي المسؤولة عن ذلك الشعور الغامر بالارتباط بالشخص الذي تحب، وهي المسؤولة أيضًا عن انتاج روابط التعلق المؤقتة تلك والتي نسميها "الوقوع في الحب". تستمر الدماغ في إفراز هذه الهرمونات لمدة من 6 شهور الى 3 سنوات في بداية العلاقات وهذا ما يفسر ب "حلاوة البدايات". ولكن هل معنى ذلك أن كل العلاقات تستمر بشكل مثالي فقط لمدة أقصاها ثلاث سنوات؟
دعوني أبشركم أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة، وأن هناك ثمة حلول تجعلنا قادرين على أن نفرز هذه الهرمونات بشكل منتظم ونرى الحبيب بنفس الصورة ذاتها في كل يوم ومهما مر العمر. ولكن في بداية الأمر لا بد أن تسأل نفسك سؤالًا:
إذا لم تكن تجربة "الحب" هي ما نسعى إليه، فعن ماذا نبحث؟
نحن جميعًا نبحث عن السعادة. وحتى الحب دائمًا نبحث عنه حتى نأنس برفيق نتكأ عليه وننسى معه أصعب لحظاتنا. إذًا فالهدف هنا ليس الوقوع في الحب، ولكن إنشاء علاقة سوية مستنيرة يسودها الحب. ولعل كلمة "مستنيرة" جديدة على مسامعنا ما إذا اقترنت بالحب والعلاقات.
ماهي العلاقة المستنيرة؟ هل للعلاقات مصابيح؟
نعم، فالعلاقات لديها مصابيح يمكن إضاءتها لجعل رؤية شريكك تتم بصورة أفضل، يمكنك أن تقلل الإضاءة فلا تعد ترى إلا القليل، كما يمكنك كسر المصابيح تماما فتصبح العلاقة معتمة لا ترى النور وهذا نوع من العلاقات غير المستنيرة وغير الواعية يكون غير صحي.
ولضمان الحصول على هذه العلاقة الصحية المستنيرة، يجب أن تضمن أنك في علاقة يعمل بحماس فيها كلا الطرفين للتوافق مع ذواتهم العليا. فعندما يصبح كل شريك أكثر وعيًا وادراكًا واستنارة يصبح هو/هي أكثر قدرة على العمل على تطوير العلاقة وإدارتها بشكل ناجح.
5 فروقات بين علاقات الحب التقليدية والعلاقات المستنيرة/ الصحية:
أحيانا التأقلم والتعود يجعلنا لا ندرك أننا نعيش مأساة حقيقية. ربما يعيقنا الشعور بأننا لسنا أفضل من غيرنا وأنه ليس بإمكاننا تغيير المصير المقرر من المجتمع للعلاقات، من تطوير وتحسين جودة هذه العلاقات. ولكن عندما ندرك أن هناك سبيل للتغيير. وعندما نرى بأعيننا أمثلة للعلاقات الناجحة الواعية، هذا يجعلنا نسعى لنعلم في أي العلاقات نحن حتى نقوم بتطويرها.
عليك أن تعلم أن هناك دائمًا أمل للتغيير طالما أن الحب لايزال موجود، يمكننا دومًا أن نكسب المعركة. وإليك بعض الفروقات التي تجعلك تحدد بشكل جاد في أي العلاقات أنت:
1- المواصفات:
يتقاسم الشريكان في علاقات الحب التقليدية بيئة معيشية مشتركة ومسؤوليات مشتركة، فربما نراهم من الخارج سعداء ولكن ما يتقاسمه هؤلاء الشريكان ليس كافيًا لخلق الروح المطلوبة في علاقات الحب الحقيقي الذي يتوفر في العلاقات الواعية (المستنيرة).
بينما على الصعيد الاخر يتقاسم الشريكان في العلاقات المستنيرة الاهتمام المشترك والوقت المشترك، كما يتشاركان الدعم المتبادل من أجل النمو. فهم يعملان كفريق واحد من أجل تحسين جودة العلاقة. فما يتشاركانه يتعدى حدود البيئة المعيشية والمسؤوليات، إنهم يكبران ويتطوران معًا.
2- تطور العلاقات:
من أحد أهم الفروق بين كلا النوعين أن علاقة الحب التقليدية تتطور بالوصول إلى حلول وسط وتقبل الاختلافات، فنرى هدوء يتصدر المشهد بعد خلافات شديدة ويتوهم البعض أن المشاكل قد تم حلها، ولكن هو مجرد تأقلم وهدوء يسبق عاصفة لا يمكن توقعها أوتجنبها. في حين أن العلاقات الواعية تتطور بخلق رؤية حياة مشتركة للطرفين ومساعدة بعضهم البعض للوصول إلى أعلى طاقاتهم مما يؤدي إلى تحسين وجودة عمق الاتصال بينهم. كما يعملان على حل المشاكل من جذورها وليس مجرد تهدئة مؤقتة للأوضاع غير المرغوب فيها.
3- الارتباط:
غالبًا ما تكون العلاقات التقليدية تعتمد على الاتكالية، فقد تجد الأفراد في هذه العلاقة ينسحبون من العائلة والأصدقاء فجأة ويفضلون التواجد مع شركائهم ليؤسسوا العلاقة بمزيد من الدراما في حال لم تجر الأمور وفق المخطط المرسوم من قبلهم ووفق الأحلام التي بنوها على الرمال (أعني ما أقول، فهي أحلام سرعان ما تٌهدم كالقصور التي تُبنى على الرمال). على عكس الشريكان في العلاقات الواعية، فإنهما يمارسان تجربة اتحاد حقيقي يريد فيها الطرفان قضاء وقت ممتع معًا بصدق، ولكن كشخصين مستقلين يتشاركان مسار واحد. فلا تجدهم يبتعدون عن أصدقائهم ولا هواياتهم المفضلة، بل يشجعون بعضهم البعض لقضاء وقت ممتع سويًا أو بصحبة أناس أخرين. ففي مثل هذه العلاقات لا نرى شجار يندلع بسبب (قعدته على القهوة – أو زياراتها المتكررة لأهلها).
4- الأدوار والهويات:
تلعب الشخصيات في علاقات الحب التقليدية أدوار تعلموها من الطفولة أو المجتمع وغالبًا لا تكون متوازنة مع شخصياتهم، مما يتسبب في مشاكل المنافسة والدراما وحب السيطرة وما الى ذلك- ففي أغلب الأحيان لا يكونون أنفسهم، بل يعيشون أدوار وأنماط محفوظة أو مرسومة لهم. تعيش المرأة في دور (جوزك على ما تعوديه) ويعيش الرجل في دور (ادبح لها القطة) بدون النظر إلى كفاءة النظريات المقدمة لهم من المجتمع ومن التجارب السابقة لأناس مروا في حياتهم.
أحيانا ما يصر أحد الطرفين أن يكون النسخة المغايرة لأحد والديه، فيبالغ بذلك حتى يٌفسد العلاقة. يتميز الأشخاص في العلاقات المستنيرة (الصحية) بكونهم أفراد كاملين، فالعلاقة ليست هي المستنيرة، وانما هم أشخاص واعية،مستنيرةو متفهمة لمواقف واحتياجات الأشخاص المحيطين بهم بدون الوقوف على الماضي أو التحيز لبعض الأفكار السابقة. لا يفعل الأشخاص في هذه العلاقة ما يجب عليهم فعله من قبل الاخرين ولا يقبلون بلعب الأدوار والعيش في أنماط تقليدية تخص الماضي أو تخص أشخاص أخرون.
5- النمو:
أظنكم لازلتم تذكرون جيمس بلدوين عندما قال: "الحب ينمو". نعم، فالحب ينمو كالطفل الذي يحتاج إلى رعاية والديه واهتمامهم حتى يكبر في بيئة تجعله سوي وقادر على التطور يومًا بعد يوم. ولكن الحب لا ينمو إذا ما كانت الأشخاص لا تنمو. تنمو الشخصيات في العلاقات التقليدية عن طريق التجربة. كما تساعدهم دروس الحياة على تحسين جودة العلاقة. فلا بد ان يتشاجران مرارًا وتكرارًا على الأمر حتى يصلان إلى نتيجة من اثنين، التأقلم أو اليأس.
على عكس ما يحدث في العلاقة المستنيرة، فإن النمو يحدث بوعي وغير مشروط بقضاء مدة وتلقي دروس في الحياة حتى نصل إلى ما نريد، ولكن يمكن للفرد أن يكون واعي ومستنير قبل الدخول في العلاقة من الأساس. تعمل العلاقة الواعية كمنصة لكلا الشريكين للوصول الى تحقيق الذات والنمو والتطور على جميع الأصعدة.
إن الطريقة التي يمارس بها كل شخص علاقاته هي اختيار، وأول اختيار يجب ان يتم هو أي نوع من العلاقات تريد؟ الآن وقد أصبحت على علم بالفروقات بين كل من علاقة الحب التقليدية والعلاقة المستنيرة/ الصحية، ما نوع العلاقة التي تريدها؟ وفي أي علاقة أنت الان؟
حسنًا، سيساعدك الاختبار السريع التالي في تحديد نوع العلاقة:
كيف تكتشف أنك في علاقة حب تقليدية؟
- إذا كنت تعتمد على
هذه العلاقة في الحصول على تقدير ذاتك وشعورك بأهميتك
- إذا كنت تأخذ من العلاقة أكثر ما تعطي.
- إذا كنت تفكر فقط في شريكك.
- إذا كنت تخاف دوما من أن يفقد شريكك الاهتمام بك.
- إذا كنت تشعر بالحاجة العميقة الى شريكك أو التعلق الزائد عن الحد به.
- إذا كانت العلاقة تستنزف طاقتك العاطفية والنفسية والجسدية – أي لا تكن في أفضل حالاتك برفقة شريكك.
-إذا كنت تشعر بالغيرة أو الغضب الشديد حينما يكون لشريكك أنشطة فردية يقوم بها بعيد عنك.
إذا كانت لديك واحدة أو أكثر من الممارسات السابقة، فأنت لا زلت تحتاج إلى فهم العلاقات الرومانسية بشكل مختلف. لا بد أن تصل إلى النمو الشخصي قبل النمو العاطفي، لذلك لن يساعدك في ذلك أحد الا انت. قم بقراءة المقال جيدًا ومن المؤكد أنك ستجد نقطة انطلاقة تقودك إلى حيث تريد.
كيف تكتشف أنك في علاقة مستنيرة/ صحية :
- إذا كنت تعتبر أن كل واحد منكما فرد منفصل عن الاخر.
إذا كانت تتوافر فيك تلك الشروط، فأنت في علاقة حب تستوفي معايير العلاقة المستنيرة، أو دعونا نسميها علاقة الحب الحقيقية التي يسعى إليها الكثيرون ولكن لا ينالها إلا الشجعان المغامرون، فرسان المعركة. إذا اكتشفت انك فارس ولا تهاب المعارك، فلتتابع المقال القادم حتى تغوص أكثر في علاقتك الرومانسية وتحاول تحسين جودة حياتك مع شريكك. كما أدعوك لقراءة المقال برفقة شريكك.

.webp)

0 تعليقات