10 سمات ضارة في الأباء أثناء تربية أطفالهم




مما لا شك فيه إن أهم ما في حياة الأباء هم أطفالهم. تقضي الأمهات والأباء الكثير من يومهم في محاولات إسعاد أطفالهم وتوفير كل سبل الراحة له. قد تتسلل بعض الخصال الضارة في التربية إلى ممارساتك اليومية وأنت لا تدري، وبغض النظر عن حسن نيتك، فإن هذه الممارسات ضارة جدًا. وإليك الطرق التي تساعدك في اكتشاف هذه السمات السيئة والتحكم فيها قبل أن تسبب ضرر لأحد أطفالك.


السمة الأولى: أن تتحدث إلى طفلك، لا معه 

إن التواصل مع أطفالك قد يكون أمر معقد للغاية بالنسبة لك خاصة وإذا كان الطفل بدأ مرحلة المراهقة وقد بدأ أن يٌكون آراء يمكن أن تكون مخالفة لأرائك. قد تكون قد اكتسبت تقنيات تواصل غير مجدية من آبائك أو طورت أنت بنفسك تقنيات تواصل غير فعالة، ولكن مما لا شك فيه أن التواصل الجيد هو مفتاح هام جدًا لعلاقة سوية مع طفلك.


يٌعرف الأب الضار/ الأم الضارة لأطفالهم بعدم قدرتهم على الاستماع إلى أحاديث أطفالهم. ونعني بالاستماع هنا، الاستماع الجيد مع الإنصات وليس فقط مجرد السمع.ولكن يلجأ هذا النوع من الأباء إلى التحدث إلى أطفالهم وليس معهم عن طريق الخطب والمحاضرات التي يجبر فيها الطفل إلى الاستماع المتواصل بدون تفاعل ليبدي في آخر الاستماع استحسانه وتأييده لما يقول أحد والديه.


إذا وجدت في نفسك هذه السمة، يجب أن تتوقف عن الكلام فورًا وتعتمد الاستماع والاستماع والاستماع.. إذا شعر الطفل بأن صوته مسموع سوف يتحدث أكثر وأجرأ ويثق في أبويه أكثر مما لذلك أكبر الأثر في تقويم أي سلوك سيء لأن الطفل سيدرك أنك معه لا عليه وأنك تستمع وتقدر أسبابه ومشاعره وأفكاره. وتذكر دائمًا أنك إذا لم تكن أنت المستمع الجيد لهذا الطفل، فمن في المجتمع سيقوم بهذا الدور؟

 

السمة الثانية: الضياع في دوامة الأفكار السلبية

قد تثقلك الحياة بالهموم والأعباء التي لا حصر لها وتضيع في دوامة الأفكار السلبية حول الأحوال الاقتصادية أو ضغوط العمل أو علاقتك بشريك حياتك غير المستقرة وكل ذلك أمر طبيعي، ولكن الأب والأم الضارين لأطفالهم يقومون بممارسة هذه الأفكار بشكل يؤدي إلى استجابة سلبية لدى أطفالهم. يقول جيفري بيرنشتاين Jeffery Bernstein :

إن أفكار الوالدين غالبا ما تكون أصل السلوك السلبي لدى الأطفال.


إذا وجدت نفسك تدور في سلسلة من الأفكار السلبية فيجب أن تتوقف وتعيد صياغة أفكارك حتى تكون أكثر إيجابية؛ فبدل من التذمر قائلًا (ابني انهارده كان شقي أوي ومبيسمعش الكلام) يمكنك قول (انهارده كان يومه صعب ولازم اعرف السبب) يمكن لمثل هذه العبارات أن يكون لها أفضل الأثر على علاقتك وتفاعلاتك اليومية مع أطفالك.


السمة الثالثة: عدم القدرة على إدارة إحباطاتك 

إن الأبوة والأمومة محفوفة بالإحباطات بشكل يومي، قد يكون معرفة المسبب الحقيقي لكل إحباط خطوة مهمة جدا في الحياة. يمكنك بسهولة اكتشاف التأثير السيء الذي يتركه إحباطك على سلوك أطفالك وكيف ينعكس على تلك السلوكيات. عندما تتعرف على مسببات هذه الإحباطات وكيفية التعامل معها ستندهش من كيفية تحسين سلوكيات طفلك الصعبة بشكل أسرع.


الأب او الأم فاقدين القدرة على إدارة إحباطاتهم دائمًا ما يوبخون الأطفال على قلة تخطيطهم، فعلى سبيل المثال: أنت استيقظت متأخر وعليك أن تأخذ طفلك معك إلى المدرسة قبل الذهاب إلى العمل، أخذ الطفل خمس دقائق ليرتدي حذاؤه فقمت أنت بتوبيخه وإلقاء اللوم عليه قائلًا: (أنت على طول مأخرني كده) .في المثال السابق إذا كان هناك شخص يستحق التوبيخ فهو أنت لقلة تخطيطك، فلو استيقظت خمس دقائق أبكر لكنت استطعت تخطي الأزمة قبل ان تبدأ.


السمة الرابعة: إطلاق الأسماء أو الصفات على الأطفال

بعض الآباء يخلطون بين الأفعال السيئة والشخصية السيئة، فهم يرون أن أي فعل سيء يقوم به الطفل ينم عن سوء الطفل نفسه، فلا يملكون أي نوع من أنواع القدرة على التفرقة بين اختيار سيء اختاره الطفل و سلوك سيء قام به الطفل، وبين كون الطفل نفسه شخص سيء.


قد تكون منشغلًا ولديك الكثير من المهمات والمسؤوليات، فالأبوة والأمومة هي مهنة يعمل فيها الشخص طوال اليوم وعلى مدار الأسبوع كامل بدون أجازات أو ساعات راحة. فقد يدفعك التعب والإرهاق وعدم إيجاد وقت لالتقاط أنفاسك إلى تعميم الأحكام على الطفل أو إلى إطلاق ألقاب وصفات مؤذية على الأطفال مثل (كسول، مفتعل المشاكل، أناني، غير مراعي لمشاعر الاخرين). ذلك قد يؤدي إلى حبس الأطفال في هذه الهويات وحصرهم في هذه السلوكيات، الأمر الذي لا يعالج المشكلة، بل يزيدها.


يصبح الطفل ذا اللقب السيء مفعم بالإحباط والغضب والكره والجرح ويتم تثبيط أي محاولة منه إلى التغيير الإيجابي، لأنه يرى أنه مهما فعل لا يمكنه التخلص من هذا اللقب المشين. يعاني الكثير من البالغين من أسماء وألقاب تم إطلاقها عليهم وهم صغار وظلت هذه المعاناة حتى أصبحوا بالغين. فالجرح الذي يسببه مثل هذا التصرف لا يندمل ولا يمكن التعافي منه بسهولة خاصة وإن لم يلاحظ أحد الأبوين المشكلة ويقوم بعلاجها فورا.


 بالإضافة إلى أن هذه الألقاب لن تٌصلح من الأمر في شيء غير أنها تترك أسوأ الأثر في نفس الطفل مما يدفع الطفل أحيانا إلى العند وعدم الرغبة في التغيير حتى يضايق أبويه، فبدلًا من ذلك ركز على السلوك السيء الذي تريد إصلاحه ولا تركز على إلصاق هوية ضارة بالطفل ومن الممكن أن تدمره.


السمة الخامسة: فخ المقارنات

أحد أسوأ الصفات على الاطلاق التي يمكن أن تكون لدى المربي هي المقارنة؛ مقارنة الطفل بأحد أخواته، أقاربه، زملائه، ظنًا منه أن ذلك يحفز الطفل لأن يقتدي بمثل السلوك الجيد لدى الأخرين. وإليك المفاجأة: إن المقارنات من أحد أهم أسباب الكراهية والعدوانية التي قد يتعامل بها الطفل تجاه الشخص الذي تقارنه به وأنت لا تعلم السبب.

 تظل توبخ الطفل على سوء سلوكه مع الأخرين، ولكن الجرح الذي شعر به الطفل يجعله يريد جرح الأخرين، ولكن بطرق مختلفة ومن بينهم إساءة السلوك. فضلا عن محاولات الطفل المستمرة في إغاظة الأبوين كما حاولوا إغاظته من وجهة نظره.


يقول الدكتور جرينبرج " بدلا من مقارنة الطفل بآخرين، عليك ان تحتفل بخصوصية كل طفل، المقارنات تضر بتقدير الذات ولا تعمل كحافز"


السمة السادسة: قول (أنت دائمًا .... ) - (أنت أبدًا .... ) 

إن جمل التعميم المطلق التي تهدم كل محاولات الطفل في أن يكون جيد السلوك مثل (انت دايما بتاع مشاكل) (انت عمرك ما بتسمع الكلام أبدا) تترك مساحة صغيرة جدًا لتغيير السلوك السيء لدى الطفل. كل ما يترسخ في ذهن الطفل هو أنك لا ترى منه غير السلوك السيء، وأنه مهما حاول ستظل هذه الفكرة السائدة عنه. 


فبدلا من لغة التعميم التي تجعل من السلوك السيء الذي ترغب في تغييره عادة، يمكنك استخدام لغة تعطي فرص للنمو وتطوير الذات مثل ( انت كنت غلطان في كذا وكذا .. تفتكر ممكن نصلح ده ازاي؟ وتفتكر ازاي ممكن نتصرف في الموقف ده المرة الجاية؟)


السمة السابعة: انتقاد نفسك علانية بشكل مستمر أمام الأطفال

مما لا شك فيه أن الاعتراف بأخطاء البالغين أمام الأطفال له أكبر الأثر في تعليمهم سلوكيات جيدة، ولكن الأب والأم المولعون بانتقاد أنفسهم على أشياء بسيطة وتافهة باستمرار أمام أطفالهم يشكلون خطر كبير عليهم. فعلى سبيل المثال: الأم التي دائمًا ما تنتقد وزنها الزائد أو شكلها أمام أطفالها، تضعف من تقديرهم لذاتهم.


 ذلك لأن الأطفال ينظرون إلى أبويهم بنظرة المثال الذي يجب أن يحتذى. وأكبر الأمثلة التي يتبعها الأطفال هي تقدير أبويهم لذواتهم، لذلك فان التقليل من نفسك بشكل مستمر امام أطفالك هو سلوك أبوي ضار.


الأطفال يحتذون بوالديهم بشكل فطري فإذا كان أحد أبويهم يطلق على نفسه ألقاب مثل (غبي- فاشل – بدين) فمن المرجح أن يفعل أطفالك الشيء نفسه. من الأفضل أن تحتفظ بأفكارك السلبية عن نفسك لنفسك وأن تقوم بإعطاء الأطفال مثال عن الرعاية الذاتية الإيجابية التي يمكنهم اتباعها لحياة أفضل مثل ممارسة الرياضة أو عادات الغذاء الصحي.


السمة الثامنة: محاولة إنشاء علاقة صداقة على أُسس غير صحية مع طفلك

يحتاج الأطفال دائما لأن يقوم كلا الابوين بدوره، كأب أو أم. وعندما يتملص أحد الأبوين من دوره محاولًا أن يصبح "فقط" صديق لطفله فهنا تنشأ المشكلة التي تضر الطفل بشكل مباشر. ولكن هل هناك مشكلة في كون الأب صديق لأبنه او الأم صديقة لابنتها؟ 


المشكلة ليست في الصداقة، ولكن في الطريقة التي يتخذها الوالدين للوصول إلى علاقة الصداقة. ومن أبرز هذه الطرق الخاطئة هي محاولة تقليد الأبناء في اللبس ومصادقة أصدقائهم بشكل غير مناسب وأحيانا تصل إلى التصريح بمعلومات وبعض الأسرار للأطفال التي قد تفوق أعمارهم وغير مناسبة لسن الطفل.


 ينشأ هذا الارتباط على أسس غير صحية لأن تجاوز الطفل لوالديه في مرحلة من المراحل هو أمر صحي وطبيعي، ولكن مع هذه العلاقة يشعر الطفل بالذنب في كل مرة يقدم فيها على تجاوزه لوالده كما يرفض الوالد العثور على أصدقاء من نفس فئته العمرية لشعوره انه من الممكن أن يخذل والده.


يجب أن يلعب كل من الوالدين دوره كما يساعدان الطفل على أداء دوره كطفل وكأبن لهم وكلما كانت الأدوار طبيعية مع حدود واضحة كلما شعر الطفل بالراحة، ويستطيع أن ينمو ليصبح بالغًا يتمتع بصحة عقلية جيدة.


السمة التاسعة: رفض استقلالية الأبناء 

كلنا نعلم أن مشاهدة الأطفال يكبرون هو أمر محزن، ولكن في نفس الوقت جميل للغاية، فهي عملية مليئة بالفخر والسعادة بالإضافة الى الحنين إلى الماضي والحزن على فراق الأطفال. ولكن ما يحدث أن بعض الآباء يحولون هذه المرحلة إلى رعاية مستبدة لأطفالهم مما يعيق تطور ونمو الطفل. يجب أن يتعلم الطفل أن يعتني بنفسه بشكل مستقل في عمر معين في حياته بينما يتلخص السلوك الأبوي الضار في فعل كل شيء لأطفالك وعدم السماح لهم بالاستقلالية في بعض الأمور بحسب أعمارهم.


يعطي هذا الأمر إشارة للطفل بأنك لا تثق بقدراته وتعلم انه لا يستطيع القيام بمثل هذه الأمور مما يمنع مهاراته من التطور. فيجب عليك البدء في إعطاء اطفالك مهام يقومون بعملها بشكل مستقل بحسب أعمارهم.


السمة العاشرة: أخذ تصرفات الطفل على محمل شخصي

إن سماع جملة (أنا مش بحبك) أو (أنا بكرهك) من طفلك لها وقع سيء جدًا في نفوس الآباء، خاصة وإن كان الوالدين مهتمين بالطفل جدًا. يشعر الأبوين أنهم قاموا برعايته ولم يقصروا في أداء مهامهم، فلماذا يقابلوا بمثل هذه الاستجابة من الطفل؟


 لا يقبل ولا يتوقع الآباء غير كلمات لطيفة وجميلة من أطفالهم. وعلى الرغم من الجرح الناجم عن هذه العبارات، ولكنها علامة هامة جدًا وجزء من نمو الطفل بشكل طبيعي، فإنه يحاول تأكيد استقلاليته وانفصاله عن الوالدين.


ومن الأخطاء الشائعة في التربية الضارة أن يأخذ الوالدين هذه العبارات على محمل شخصي مما يجعلهم يتصرفون بشكل غير ناضج وغير عقلاني مع أطفالهم فيلجؤون إلى الصمت أو حمل الكراهية في القلب أو التوبيخ وإلقاء اللوم.فإذا وجدت نفسك تأخذ سلوك أطفالك على محمل شخصي مما يجعلك تتصرف تصرفات غير عقلانية كرد فعل، فيجب أن تهدأ وتستشير معالج أو مرشد للكشف عن مشاكلك الخاصة التي تثير مثل هذه الاستجابة أو ربما ينبغي عليك أن تعرف اكثر عن سمات كل مرحلة عمرية وما المسموح فيها من الطفل وما هو الغير طبيعي ان يحدث. يمكننا الحديث عن ذلك في مقال منفرد.


في النهاية أعلم جيدًا أن تربية الأطفال أمر شاق ومرهق للغاية ومحبط في نفس الوقت أن نعرف أننا نبذل جهد، ولكن في الطريق الخاطئ أو أننا لا نساعد أطفالنا، بل نساهم في إلحاق الضرر بهم رغم أن غايتنا في الحياة هي  إسعادهم. ولكن الثقافة في مجال التربية مبكرًا يجعلنا نختصر الكثير والكثير من التجارب غير الناجحة والخصال الضارة في تربية الأطفال. فلتكن مهمة كل أب وأم، كل زوج وزوجة مقدمين على الانجاب، كل معلم ومعلمة، أو كل مربي بشكل عام، هي الاطلاع على كل ما يخص التربية والطفل.

0 تعليقات