حكت لى صديقتي عن أسوء موقف محرج واجهته خلال المقابلة الشخصية، عندما سألها المحاور بوجه عبوس “ما هذه الملابس التي ترتديها، هل تعتقدين أن هذا يليق بالعمل لدينا؟”. تقول: “شعرت آنذاك بالارتباك وكدت أن أنفجر فى وجهه من شدة الغضب، لولا أننى تذكرت ما قرأته عن أهمية التحكم فى الانفعالات ولغة الجسد أثناء الرد على أسئلة الانترفيو، فأخذت نفسا عميقا وتمالكت نفسى، ثم أجبته بهدوء وثقة :لم أقرأ ببنود إعلانكم شروطاً تخص الزي، فهل هناك شروط خاصة؟!”
تسلط هذه التجربة الضوء على أهمية تعلم لغة الجسد، وكيفية التحكم فى الانفعالات أثناء الرد على أسئلة المقابلات الوظيفية. فما هى لغة الجسد؟ وكيف تساعدك على التحكم فى انفعالاتك أثناء الرد على أسئلة الانترفيو؟ وهل حقًا تحتاج لتعلم لغة الجسد ؛ كى تنجح فى الحصول على وظيفة أحلامك؟
ما هى لغة الجسد؟ (body Language)
فى الواقع، إن 55٪ من الإشارات التي نتلقاها أثناء محادثتنا اليومية مع الآخرين تأتي من لغة أجسادنا! ونعنى بلغة الجسد جميع الحركات غير الكلامية التي نستخدمها للتواصل مع الآخرين لنقل المعلومات لهم. فلغة الجسد هى كل ما يصدر عن الإنسان من حركات أو إشارات أوإيماءات غير لفظية. ويتمثل ذلك فى تعابير الوجه كالحزن أو الفرح، أوالإشارات كاستخدام اليد فى التلويح، أو وضعيات الجسم عند الوقوف أو الجلوس.
لماذا تعتبر لغة الجسد مهمة أثناء المقابلة الشخصية؟
كى نستطيع الإجابة على هذا السؤال،فعلينا أولًا أن نعرفما هى الصفات التى يبحث عنها أصحاب العمل؟!
بحسب ما ذكرته بوابة الفترة التدريبية التابعة لدولة الإمارات العربية، فإن أصحاب العمل يبحثون عن أشخاص لديهم قدرات على العمل الجماعى ومهارت مميزة فى التعامل مع الآخرين. فهم يبحثون عن شخصيات كاريزما تأسر الآخرين وتستطيع التأثير عليهم بطريقتهم المميزة فى التواصل. فكيف تكسب تلك المهارات؟ أو بمعنى آخر، كيف تكون كاريزما؟
كيف تكون كاريزما؟
يمكن أن يساعد امتلاك الكاريزما في ترك انطباع قوي وزيادة فرص الحصول على الوظيفة. فالكاريزما هي القدرة على أسر الآخرين والتأثير عليهم من خلال حضور المرء و طريقة تواصله معهم.
وقد عرفت كارول كينزي جومان الكاريزما على أنها التطابق التام بين ما تقوله وما تبدو عليه عندما تقوله . فأنت الأكثر جاذبية وإقناعًا عندما يكون ما تشعر به داخليًا متوافقًا تمامًا مع ما تقوله وتلفظ به، وعند هذه النقطة ستصبح لغة جسدك متوافقة تلقائيًا مع كلماتك.
ولكى تحصل على انطباع أول رائع وتتميز من بين المرشحين؛ فعليك فهم أفضل الطرق لاستخدام لغة الجسد أثناء المقابلة الشخصية، وعليك أن تتعلم كيفية التحكم فى انفعالاتك وحركات جسدك، وكيف تبدو واثقا أثناء التكلم؟ وكيف تخفى التوتر والقلق أثناء الرد على أسئلة الانترفيو؟! فكما نقول:
إن الانطباعات الأولى تدوم!
وفيما يلي سنذكر عشر نصائح تساعدك على الاستعداد لمقابلة العمل،والتخلص من التوتر القلق عن طريق التحكم بلغة جسدك أثناء المقابلة.
كيف تبدو واثقا من نفسك أثناء المقابلة الشخصية؟
1) اهتم بمظهرك وارتدِ ملابس احترافية:
احرص على الاهتمام بمظهرك وارتداء ملابس مناسبة للوظيفة التي تجري مقابلة من أجلها. فهذا يدل على أنك تأخذ المقابلة على محمل الجد وأنك مهتم بترك انطباع جيد.
2) صافح الشخص الذي سيجري معك المقابلة الشخصية بشكل واثق:
عند دخولك غرفة المقابلة، رحب بالشخص أو الأشخاص الذين سيجريون معك المقابلة. ابدأ بالتحدث معهم واشكرهم على وقتهم. صافحهم فور دخولك لإظهار الود وثقتك بنفسك.
3) الابتسامة:
يمكن للابتسامة الحقيقية أن تجعلك تبدو دافئًا وودودًا . يمكن أيضًا أن تساعد في تخفيف أي توتر موجود بالغرفة.
4) التواصل البصرى:
يُظهر الحفاظ على التواصل البصري-مع الشخص الذي يجرى المقابلة- الثقة وأنك منخرط في المحادثة؛ لذا، حاول أن تتجنب النظر إلى الأسفل أو النظر بعيدًا بشكل متكرر لأنه قد يشير إلى عدم الثقة أو عدم الاهتمام.
5) تحدث بوضوح وثقة:
تحدث بنبرة صوت واضحة وواثقة.،وتجنب التمتمة أو التحدث بسرعة كبيرة أو استخدام كلمات مثل “أم” أو “آه” بشكل متكرر.
6) إظهار الحماس:
أظهر الحماس للوظيفة والشركة، وعبر عن سبب سعادتك لفرصة العمل معهم.
7) استخدم الإيماءات:
استخدم الإيماءات المناسبة للتأكيد على النقاط أو لتوضيح أفكارك؛ كالإيماء بالرأس لإظهار التفهم والاندماج فى الحديث. كما يجب عليك أن تتجنب إظهار التململ أو استخدام الإيماءات المشتتة للانتباه.
8) وضعية الجسم:
اجلس مستقيماً وحافظ على وضعية جسدك مفتوحة، ولا تعقد ذراعيك أو رجليك لأنه قد يشير إلى الانغلاق أو الدفاعية.
9) كن أنت:
كن صادقا، كن على طبيعتك ، ودع شخصيتك تتألق. كن أنت ولا تحاول أن تكون شخصًا آخر.
10) كن مستعدًا:
من أكثر الأمور التى تساعدك على التحكم بلغة جسدك أثناء المقابلة هو التحضير الجيد لها . ويكون ذلك بالبحث الجيد عن الشركة، وعن طريق تجميع كل ما تستطيع من معلومات عن الوظيفة التى ستتقدم لها.
ويعد التدرب على أسئلة الانترفيو ، من أهم طرق الاستعداد للمقابلات الشخصية، كما يساعدك على التحكم فى انفعالاتك ولغة جسدك بشكل أفضل.
لذا فسنذكر عددا من أسئلة الانترفيو الشائعةوكيفية الرد عليها. وسيكون مرجعنا فى ذلك كتاب 301 إجابة ذكية لأسئلة الانترفيو الصعبة للكاتبة فيكي أوليفر. وقد حاز هذا الكتاب على جائزة Eric Hoffer عام 2010 في فئة الأعمال.
فيكى أوليفر هى خبيرة رائدة في التطوير الوظيفي ومؤلفة شهيرة لخمسة كتب هم الأكثر مبيعا، من ضمنهم كتاب 301 إجابة ذكية لأسئلة الانترفيو الصعبة. وتُصنَّف كتبها على أنها الأفضل فى مجال الموارد البشرية والتحضير للانترفيو.
أسئلة الانترفيو الشائعة وكيفية الرد عليها؟
طبقا لما ذكرته فيكى أوليفر فى كتابها فإن هناك خمسة أنواع من الأسئلة الأساسية السهلة، وهم:
1.الأسئلة التي تطالبك أن تضع نفسك مكان المحاور.
2.أسئلة حول أحلامك وطموحاتك.
3.الأسئلة التي تطالبك بشكل صارخ أن تبيع نفسك.
4.الأسئلة التي تكشف عمَّا إذا كنت حضرت للمقابلة ودرست نشاط الشركة.
5.أسئلة حول أسلوب العمل المفضل لديك (P.W.S).
تقول فيكى:
ما الذي يفصل إجابة رائعة لسؤال سهل عن إجابة هامشية فقط؟ الفرق بينهما هو : التفاصيل، ثم التفاصيل، ثم التفاصيل. فقد تكون الأسئلة سهلة، ولكنك تجيب عنها بشكل سطحي. فإذا فعلت ذلك فتوقع أن الأسئلة التالية -أثناء المقابلة-ستكون أكثر صعوبة!
فهيا بنا عزيزى القارئ نتعرف على أهم أسئلة الانترفيو الشائعة وطريقة الرد عليها.
أمثلة على الأسئلة الشائعة وطريقة الرد عليها:
أولّا سؤال: “إذا كنت توظف شخصًا لهذا المنصب، فما الصفات التي ستبحث عنها؟
لا تجب إجابة سطحية؛ بل اذكر تفاصيل عما يريد المحاور أن يعرفه عنك!وبالنسبة لهذا السؤال فهو يريد أن يعرف ثلاثة أشياء:
1.مهاراتك فى حل المشكلات. فاحرص أن تذكر أمثلة لحالة أو أكثر تثبت بها أنك تعرف كيفية حل المشكلات.
2.مهارات الناس الجيدين، وهى القدرة على تعزيز علاقات عمل جيدة مع الآخرين.
تكلم عن المواقف التي عملت فيها بشكل جيد مع الآخرين، أو حيث عهد إليك الرؤساء بالمزيد من المسؤوليات، بناءً على أدائك السابق وثقتهم فيك.
3.مهارات إتمام الصفقات والقدرة على إنجاز الأشياء. اذكر تلك الأوقات التي ساعدتك فيها حكمتك الجيدة أو براعتك في إتمام أى صفقة.
ثانيًا سؤال: هل يمكنك أن تخبرني قليلاً عن نفسك؟
هنا حاول أن تربط بين طفولتك وحاضرك، اشرح كيف كنت تحب هذه الوظيفة منذ صغرك!وكيف استطعت أن تطورها وتثقلها بالشهادات والخبرات بعدما كبرت، وكيف يفيد هذا الشركة؟!
مثلًا، إذا كنت تتقدم لوظيفة مصور فوتوغرافى، فيمكنك أن تتكلم عن شغفك بالتصوير منذ صغرك، وكيف إزداد حبك لها عندما كبرت، فأثقلتها بالدراسة والشهادات. يمكنك أيضًا أن تحكى عن عملك السابق كمصور أو خبرتك أو البزنس الخاص بك.
بمعنى آخر، يجب أن تصف إجابتك على هذا السؤال:
نشأتك- وضعك الحالي – خبراتك الوظيفية السابقة -السبب الذي يجعلك مناسبًا للوظيفة ، وكيف يتماشى ذلك مع قيم الشركة.
ثالثَا سؤال: بِع نفسك (أو سوِّق لنفسك)!
وكى تجيب على هذا السؤال فعليك أن تذكر خمس أشياء:
1.كيف استطعت أن تتخطى انتكاساتك المهنية (إذا كان عندك.)
2.تكلم عن إنجازاتك وما حققت من نتائج.
3.تحدث عن وقت فراغك وكيف تستغله فى تنمية مهاراتك لتصبح الأفضل.
4.قدرتك على التعامل مع الضغط، بما في ذلك الشدائد.
5.إعجابك وثقتك بنفسك. تذكر هذا دائما:
أنت أقوى مدافع عنك!
رابعًا سؤال: .”حسب توقعاتك، إلى أين ستتجه هذه الصناعة في السنوات الثلاث المقبلة؟”
و هذا السؤال له احتمالان:
الأول، أن يكون مستقبل هذه الصناعة قاتمًا. وهنا عليك الاعتراف بذلك، ولكن لا تظهر التشاؤم وخفف من ذلك عن طريق إخبار المحاور بشيئين تستطيع القيام بهما لمحاولة النهوض بالشركة.
الثانى، أن يكون مستقبل العمل مشرقًا، وهنا أظهر التفاؤل والحماس وأخبر المحاور لماذا أنت شغوف بتلك الصناعة أو الوظيفة.
خامسًا سؤال: هل تفضل العمل بمفردك أم مع فريق؟
إن المرونة والقدرة على مواكبة العصر هي أحد مؤشرات النجاح في أي مجال. قد تكون مميزا فى العمل بمفردك، أو العكس، فتكون مميزا فى العمل الجماعى. ولكن كيف ستجيب على هذا السؤال؟!! ماذا تقول للمحاور لتثبت له استحقاقك لهذه الوظيفة؟هل تقول له أنك مرن جدا وتستطيع التعامل مع أى ثقافة للشركة؟!!
لا! لا تفعل ذلك، لاتقل:
أنا جدع
فلو تذكرت هذا المشهد فى الأفلام المصرية، فستجد أن صاحب المقولة كان سكرانًا يعاني من قلة الثقة بنفسه، وأراد بمقولته هذه أن يدفع عن نفسه هذا الشعور! فلا تقل “أنا جدع” أعرف كل شئ، وأعرف أن أعمل بمفردى أو فى جماعة، فسيبدو هذا غرورًا أو كلامًا غير منطقى.
ولكن قم بالبحث الجيد عن طبيعة العمل فى الشركة، وأجب بناءا على ذلك، مع إبداء قدرتك على النجاح فى العمل الفردى أو الجماعى إذا احتاج الأمر.
فى الواقع ،يعد التحضير للمقابلة الوظيفية أولوية هامة وعلى رأس القائمة لكل باحث عن عمل. فالظهور بمظهر الثقة والتواضع مع إبداء الحماس تجاه كل سؤال يتم طرحه؛ يجعلك شخصية كاريزمية جذابة، ويعطى عنك انطباعا رائعا!
بشكل عام، فإن التحضير المسبق للمقابلة الشخصية، هو سر النجاح فى الحصول على الوظيفة. ويكون ذلك من خلال التدرب على الأسئلة وتعلم كيفية استخدام لغة الجسد بشكل جيد مع التحكم فى الانفعالات أثناء مقابلة العمل.
وفى الختام ، أدعوك عزيزى القارئ أن تتعرف أكثر على كل ما يخص لغة الجسد ودورها الهام للنجاح فى الحياة ؛ وذلك من خلال مقالتنا تعلم لغة الجسد | أسرار لغة الجسد والفراسة للنجاح في الحياة.




0 تعليقات